الثلاثاء، 24 فبراير 2009

الافيكو ..و ما ادراك ..!




إذا كنت تعيش في ليبيا, او سبق لك أن زرتها, فإنك حتما تدرك أن باصات نقل الركاب (الافيكو) بلونها الابيض
والاصفر باتت من ملامح البلد, تجوب شوارعه, و تفرض نفسها بقوة بين تقاسيمه وملامحه, لتصبح من تفاصيل
الروتين اليومي للعديد من الناس باختلاف وظائفهم وأعمارهم..

تجربتي مع المواصلات العامة لا تتجاوز السنتين .. حيث أنني لم اعتد استعمالها , لسبب بسيط, الا وهو عدم حاجتي
لها.. فقد التحقت في مراحل دراستي بمدرسة قريبة من المنزل وكذلك بالنسبة للمرحلة العليا..

وباعتباري من هواة الرياضة ,ولأنني أجد متعة كبيرة في المشي فقد كان استعمال المواصلات العامة في المرتبة الاخيرة
على قائمة خياراتي للوصول الى مكان دراستي..

لكن مع مرور الوقت لم يلبث الوضع على حاله,, ففي فترة التدريب الميداني, وتحديدا قبل مشروع التخرج,كان من
متطلبات التخرج جزء متعلق بقضاء فترة تدريب بجهة حكومية.

تحصلنا أنا وزميلاتي على اذن تدريب ميداني بقسم تقنية المعلومات التابع لمصرف الأمة... الواقع بشارع المسيرة الكبرى..
للأمانة.. لم أكن بذات خبرة في معالم المدينة_ يعني كنت وخيتكم تحطوني في المدينة بروحي وترجعولي بعد ساعة و تفرجو علي المشهد.. تلقوني قالبة الدنيا عياط ونقول نبي حوشنااااSad ..واسألوني وين حوشكم يا بنيتي..؟ نقولكم : قدام حوش عمي حمد..!

في تلك الفترة قرر أهلنا أن يتفقوا مع سائق خاص ليقلنا للعمل. وكان هذا السائق عمك ( نسيت اسمه).. ثقة وراجل كبير في السن ..

ولكن للأسف ..! نظرا لعدم التزامه بالتوقيت و تأخره في المواعيد.. لم يستمر الاتفاق..

لتبدأ من هناك رحلتنا ..

بالنسبة لي.. لطالما كرهت التنقل بالباص...وخصوصا ذلك الشعور بالاحراج الشديد حينما تصعد على متنه , مرورا
بالركاب الى أن تجد لك مقعدا فارغا.. طبعا مع كل الاعين المحدقة ,وكأنك أحد المخلوقات الفضائية من كوكب " (يومو)" ..

أما بالنسبة لرفيقاتي فدعوني أحدثكم اولا عن دودي ..

لقد كانت ترتعش من الارتباك..وأخذت بندب حظها الذي اضطرها لركوب الباص.. لا بسبب البرستيج أو لأنها ب
نت الدرماللي باشا , ولكن لأنها وكما قالت: ( تمرمطت في الافيكوات).. واحتكت بنماذج تراها لأول مرة في حياتها..
وطبعا مواقف حدث ولا حرج.. خصوصا أنها المرة الأولى التي تستقل فيها الإفكو..

أما بالنسبة لقائد الفريق فقد كانت سوما بلا منازع..
( أخت رجال على رأي السوريين), كانت تسبقنا بمشوار في مسالة الاعتماد على النفس.. ربما لأنها كانت تكبرنا ببضعة سنوات .. أو بسبب فقدانها لوالدها واضطرارها لمعاركة الحياة
مبكرا..

خلال تلك الخمسة والثلاثين يوم تعرضنا لمواقف عديدة ..

ذات يوم كنا قد تأخرنا على موعد الذهاب.. فاضطررنا إلى ركوب اول باص يقف.. صعدت قائدة الفريق تستكشف
المكان وعندما لم تعطي الاشارة بالانسحاب صعدنا .. لنجد المكان مكتظ بالركاب بين جالس وواقف..

ومجبر أخاك لا بطل..!

اضررنا للوقوف طوال الطريق .. تمسكنا بجوانب الكراسي.. لنستعد لرحلة التزلج الرهيبة.. و لسوء حظنا في ذلك
اليوم.. كان السائق في قمة نشاطه... يتفنن في الالتفاف و السرعة والوقفات المفاجئة..
ونتيجة لأحد الفرينوات (علي غفلة).. في طرفة عين.. وجدتني (متربعة) في منتصف الباص, وقد حاولت سوما دون جدوى انقاذي .. ولكن..! لكل معركة خسائر.. No


وبعد أن اكتسبت الخبرة المبدئية اصبحت جاهزة لأشق طريقي في عالم (الربع جنيه)


بعد تخرجي بفترة ليست بالقصيرة..


اضررت الى الاعتماد علي المواصلات العامة كليا , للوصول الى مكان عملي.. وكنت الجأ الى الاستيقاظ مبكرا حتى لا تسبقني الدقائق فاجد نفسي " تسجلت غياب" وشكرا للبصمة الالكترونية على ذلك..


ومن احد المواقف التي صادفتني ومن أسباب كتابتي لهذه التدوينة ..

,,
ذات يوم, كنت متوجهة لعملي ب طريق المطار.. كان الوقت مبكرا كالعادة.. صعدت الباص و اخترتني كرسيا
لاجلس.. أو ربما " بش نكمل باقي نومتي" .. اخترته فرديا , وكنت ارتدي النظارات الشمسية, لأخفي حقيقة حالة فقر النوم المزمن التي اعانيها في تلك الفترة, والتي عودتني أن اغفو بسهولة كعادة اي طفل يركب السيارة..


انطلق سائق الباص نحو وجهته, يبحث عن راكب هنا واخر هناك..طبقا لما يقال _كنوع من الدعابة _ عن سائقي
الافكو بأنهم يرون الرأس ربع دينار ( اجرة الباص)_


لكن السائق هذه المرة خالف القاعدة,, توقف ليقل احد الاشخاص, وحيث أن تفاصيل صباح يوم العمل في ليبيا تبدا ب
" طاسة المكياطة" في أيادي المتوجهين الى العمل..وبرفقتها سيجارة(سبسي) ..


فإن هذا الشخص كان يحمل سيجارة بيده..ومكياطة بالاخرى. وهنا جاء تعليق السائق مثيرا للاهتمام..


طلب من الشاب بهدوء وادب : أن يطفيء السيجارة اذا اراد الصعود الى الباص..


لكن للاسف بطبيعة الحال...!
وبما ان السائق لم يكن (طير شر), رفض الشاب طلب السائق_ ومافيش داعي ننقل شن قال_نافخا ريشه وكانه احد
المناضلين يتباهى بانتصاره..


فما كان من السائق الا أن رفض استقباله على متن الباص, وانطلق في طريقه.. متمتما : " والله ماني مركبه والدخان في ايده.. وكانه حتى بوي" ...


في الحقيقة من خلال معايشتي لواقع الحال, استغربت هذا التصرف من سائق الافكو. ..


خصوصا واني كنت قد شهدت عدة مواقف غير سارة من اصحاب هذه المهنة..
.
.
منها أنني..
.
.
’’ ذات مرة كنت متوجهة الى دورة تدريبية خاصة, بعد دوام العمل.. استقل الافيكو.. وعندما وصلت وجهتي طلبت من
السائق التوقف , وهممت بالنزول.. وبعد ان دفعت اجرته.. ترجلت وأغلقت الباب... لم ألبث بعدها .. حتى سمعت
احدهم يقول: والله الا مش متربية امالا..
رفعت راسي بعفوية , لأرى المشهد أبحث فيه عن الشاتم والمشتوم.. وإذا بي ألمح سائق الافيكو, يحملق وفي عينيه
شزر.. موجها لي كلامه.. صدمت من ذاك الموقف.. وذهبت اتسأل عن السبب في نفسي..؟؟!
وبعد بضعة ايام .. وبينما كنت اسير متوجهة الى المحطة.. وجدتني قبالة شاب .. كان وجهه قد طبع في ذاكرتي.. انه
ذاته السائق الساخط .. ذاته من شتمني..
لم افكر كثيرا..فتحدث فضولي : "عفوا لو سمحت.. انت تسوق في افيكو..!"
أجابني : ايه..
أكملت حديثي : أنا البنت يلي اليومين الي فاتو نزلتني في المحطة, وطلعت راسك وقلتلي مش متربية.. بالله بنسألك ..
علاش قلت هكي.....!
برر تصرفه: "لأنك لما نزلتي , خبطتي الباب بقوة وابصر شن قلتي.."
تذكرت تفاصيل الموقف.. كان ذاك اليوم عاصفا.. فتسببت الرياح بانزلاق الباب بقوة_ ومن تأثير الخلعة, قلت : يا
ساتر...!
بعد أن أيقن السائق سوء تصرفه وسخافة رد فعله .. قدم لي اعتذاره: "سامحيني يا أبلة.. نسحابك ابصر شن قلتي"..

.
.
وتتفاوت سلوكياتهم.. بين
عدم احترام كبار السن عند صعودهم للحافلة ...لتجد السائق منهم ينطلق باندفاع , دون
اعطاء الفرصة للشخص المسن بالجلوس اولا.. وتستمر حتى عنصريتهم في بعض الاحيان.. طبعا مع التحفظ فيما
يخص مستوى الادب والذوق..

عموما ... على الرغم من عدم الارتياح الغالب علي المواصلات العامة.. إلا أنني اعترف حقا با لتنوع وتفاوت
شخصيات البشر الذين تجمع بينهم اثناء تنقلها..




السبت، 14 فبراير 2009

في مثل هذا اليوم.. كتبت.... 14\2






نَظَرْتْ.. مَاذَا حدَثْ...؟

أجَابَتْ كأنَما سمِعَتْنِي.. إنْفِجار..!

استدْرَكْتُ مُسْرعهْ : أين..؟

أكمَلَتْ : هزَ قلبَ العاصِمةِ 'بيروت' ..

اختفتْ واعدةً باخباري المزيد..

لزِمتُ مكاني انتظر.

تسَاءَلت: لماذا ..؟ مالسبب..؟

ظهرتْ لي كأنها جنِيهْ ,

أجابتني:

استهدفَ موكبهْ ، كما أودَى بحارسِه..

أول الشهداءْ " يحي العرب"..

كدت أضحك، لا بل ضحكت.

قلت لنفسي أيقتل الأموات..؟!

صرَخْتْ:

يحي العرب ...!

عدت لنفسي ..

تساءَلْتْ:

ألم يـُـقتَل في فلسطين ..؟!

ألم يـُـغتال في جِـــنين..؟!

اختنقت بحسرتي، اعتصر قلبي،

كتمت لوعتي، واتجهت لأخرى.

أنَصَتُ..

جاءت فأجهزت:

قُتِــــلَ رفـيق..

خانتني نفسي .. فندتها.. وانهمرت دموعي..

بكيت بحرقة.. كأم ثكلى.. كطفلة يتيمه..

لم انطق بكلمه..

لم أقل إلا... مستحيل.. و كلا..!!

جمُدت عيناي.. تساءلت:

لماذا..؟ ماذا فعل..؟

أيقتل فقط لأنه بطل...!؟


تَذكرْت ماقيل بالأمس..

وما حملوه من وِزر..

أيقنتُ أخيرا

أن السماء ما تبكي إلا خطايا البشر.

دعوت ربي

" أن اللهم أكرمه المستقر"


********

كلمات كتبتها بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني

رفيق الحريري .. والذي اختارو اغتياله يوم 14-2-2005ف الساعة 12.55 ظهرا..


ربما ليكون هدية عيد الحب للشعب اللبناني.. والذي لا زال يعاني اثار الاغتيال .. والمتمثل

في الانقسام الطائفي الذي نشهده الآن..

لكن سيبقى لبنان.. وسيفنى جلادوه..