الاثنين، 17 أغسطس 2009

اكسبيرينس.....




شددنا الرحال عشية يوم حار، وبعد الترتيب للرحلة في يوم وليلة،

لأنه وكما أخبرني أخي:
غر وتي روحك و نسافروا حتى اليوم..

كان المخطط القديم للرحلة قائم على سفري أنا وأمي وأختي الكبرى.. يقودنا أخي في سيارته الخاصة.. لكن لطالما كان الحظ لاعبا ماهرا .. له كلمته في مسلسل الاحداث..

تعرض أخي في منتصف الاسبوع لحادث سير.. نحمد الله فيه على سلامته واختاي اللتان كانتا برفقته.. و على اثره ..

مشت السياره رابش
...

وبرحمة من الله لم يصاب احد منهم بأذى..

امتد تأثير هذا الحادث ليغير ترتيبات الرحلة..

واجتمعت الاراء على عدم تأجيل سفرنا..

اخترنا السفر عن طريق البر.. وحجزنا لنا مقعدين على متن فيتو...

كانت تجربة جديدة بكافة المقاييس..

كنا ثمانية اشخاص..

السائق..

أم وابنتها ..

امرأة غامضة الهوية.. ولم نسمع منها خلال الرحلة الا القليل من الكلمات..

و امرأة أخرى بمفردها .. مقيمة بليبيا..

وكانت تستعمل هذه الكلمة ... أنا مقيمة.. كوسام فخر تتباهى به امام مواطنيها من نفس البلد..

بالنسبة لي لم افهم أهمية هذه الصفة " مقيمة".. اعتقد ان السبب جهلي بتفاصيل حياة المغتربين داخل ليبيا...

عموما فقد استشعرت نوعا من الامتعاض من ابناء بلدها كلما ذكرت ذلك.. لوضوح نبرة التفاخر في صوتها...

خصوصا بمجرد وصولنا للبوابة الحدودية التي تفصل البلدين... حينما طولب الجميع بتسليم جوازات السفر للسائق.. ليسلمهم بدوره للمختصين..
وهي تقول:

لا انا مش عاطية الباسبور.. أنا مقيمة...

وشاب أظنه في أوائل العشرينات من العمر.. عائد إلى عائلته بعد غربته التي امتدت حوالي السنة..

رجل غريب .. حينما تراه تشعر اتوماتيكيا.. بموسيقى تصويرية في خلفية المشهد ..

سواح وأنا ماشي ليالي سواح

ولا داري بحالي سواح

من الفرقة يا غالي سواح

إيه اللي جرى لي سواح
..

ولن يكون منك الا التساؤل... عمن يكون ولما.. في الحقيقة شعرت بأنه قدم الى ليبيا عن طريق الخطأ.. أو لربما لغرض استكشاف البلاد..

احسست من جهته بعدم مبالاة بالعالم من حوله.. مبالغ فيه.. وتهكم ممزوج بالمزاح الكثير في عباراته .. واظنني على صواب إن جزمت بكون الرجل.. من النوع الغير محبب خاصة لنا ك ليبيين..

وهذا ما استنتجته من رد فعل اخي الذي ينم على عدم ارتياح في التعامل معه.. اثر محادثة بسيطة دارت بينهما.. لغرض التعارف.. خرج منها الغريب بمعلومات عن محدثه..

فيما لم ينتبه أخي لحقيقة احتفاظ محدثه بهويته السرية.. بقصد أو بالصدفة..

كنت أنا وأخي الليبيين الوحيدين في هذه الرحلة.. بينما كان السائق.. نصف ذاك.. اذ أنه ليبي اعتاد العمل على الخط.. وتزوج بغير ليبية.. فأجاد لهجة البلدين..

بعد أن وضبت حقيبتي..استلقيت في الحجرة بانتظار وصول السيارة التي ستقلنا.. ومن ثم ودعت الأهل وخرجت..

أول انطباع لي كان..
اثر نظرة حادة وجهتها لي تلك الفتاة التي كانت برفقة والدتها Grrr..

كانتا تجلسان قرب السائق.. ولم أسلم من نظرة والدتها كذلك.. واحسست ان الجميع قد اجتمعوا على ذات الملامح.. نظرات الاستنكار و عدم الترحيب.. فما كان مني الا ان...

درت فرينو Nervous.. ونديتروا .. ودورت وخشيت للحوش..

مش جبن يا جماعة.. لا لالالالا ما تفهمونيش غلط.. راني نخلع بلاد كاملة.. والاقطار المجاورة ليها.. في محيط ثلاثمائة ميل.. وكمان اللي يبص لى بعين أبص له باتنين... Bugging Out

هو بس لزوم التعليق.. والنقل المباشر للحدث.. وواجبي كمراسلة لقناة العويلة المحلية..

وما أن دخلت للمنزل اثر تلك الخطوة.. ولم يكن هنالك داع للتوغل اصلا.. اذ أنني وجدت أخواتي .. لاصقات في الباب.. يختلسن النظر.. من خلف الباب.. _ داخل مش برة ......

امااااااااااال
"احنا ما عندناش بنات تقف في الشارع" البارودة يا مغاوري_

وقد عقدن وقفة تحليل في العتبة.. لمدى صعوبة الاوضاع .. يتخللها شماتة من هني..
وتسهويك عليا من غادي...Crying 1

بعد أن صعدت السيارة.. اتضحت لي بعض من اسباب تلك الذبذبات السلبية التي وصلتني بمجرد خروجي من المنزل..

اذ أنه عندما اتفق أخي مع السائق وحجز لنا الاماكن.. اكد عليه برغبته في حجز المقعدين خلف السائق مباشرة.. ووعده الشائق بذلك..
ولكن تفاجأ أخي بعدم تنفيذ الاتفاق.. وبموجب ذلك.. بيمشوها بالتلخبيط.Chess.و بيلعبوها شطرنج..

..فحاولوا منحنا الكرسي الاخير.. حيث الدفء الخانق.. الذي سيستمر معنا لمسافة حوالي 700 كم..

ولكن... !

على ميييييييين تلعبها ... Hula hoop 2 على مييييييييين يا ابن الناس..

فقد استند اخي في مرافعته.. للمطالبة بحقنا في مقاعدنا.. على نص القانون القائل:

اللي اوله شرط أخره نور.. صاحب الحق سلطان.. و مش كل الطير اللي يتاكل لحمه...No

وأخيرا.. ما يصح الا الصحيح..

اعتقد أن فكرة تواجد ثمانية افراد غرباء عن بعضهم البعض... مجتمعين.. يتشاركون حوالي اثنى عشر ساعة من الزمن كرفقاء درب... يعتبر تجربة غريبة.. وجديدة بالنسبة لي..

فأنا من النوع الذي يعشق متابعة مايدور حوله ودراسة المحيط والوضع والشخصيات.. قبل الاندماج الفعلي كعنصر ربما أدعوه فعال ضمن العناصر الموجودة..

وذلك سلوك فطري عهدت نفسي عليه منذ طفولتي..

اعتبر هذه التدوينة.. فلاش باك بسيط لرحلتي الغير طويلة للدولة الشقيقة و جارتنا الغير بعيدة..

ربما سأجلس جلسات اخرى... لأحدثكم عن بعض ما شد انتباهي.. و أثار أفكاري ... وتساؤلات كثيرة .. عن أسباب هذه الاختلافات بين بلدينا من نواحي تعددت.. بتفاوت ..

ولكل سلبياته واجابياته...