استهلت محاضرتها بقولها : (إن التردد قاتل للقرارات الصائبة قبل أن تتخذ..)
تم أردفت..الخ الخ الخ..
و ختمت بجملة أخيرة (لا يدخل التردد قلبا، إلاّ ويطلب من اللإرادة أن ترحل عنه).
لتفسح بعدها المجال أمام حلقة النقاش ..
إزداد الزحام بالقاعة مع إنخفاض درجة الحرارة وإرتفاع مستوى سطح البحر في ساحة الكلية خارجا.. وتزامنا مع إغلاق البوابة الخارجية أمام الطلبة ..في محاولة لإحتجاز أكبر عدد ممكن وإرغامهم على حضور تلك المناقشة الندوة أو المحاضرة..
كنت قد تطوعت للدخول بملء إرادتي بسبب تلك الشائبة في شخصيتي..
والتي تدفعني أحيانا للتواجد فقط لرغبتي في مشاهدة مايجري..
عم الهدوء فجأة داخل القاعة.. لتليه تعليقات ساخرة من هنا وهناك .. ثم ليعم الهدوء من جديد.. هي ذات المشكلة.. انتظار متطوع يفتتح النقاش..
علت الهمهمات القادمة من آخر القاعة ، مع عبارات تشجيعية لشاب يرتدي معطفا جلديا اسودا عليه بعض الرقع والشعارات .. وقد بدى كأنه عضو بأحد الفرق الغريبة.. أو ربما كسائقي الدراجات النارية..خاصة مع تلك التسريحة التي ارتفعت بها خصلات شعره نحو السماء لتمنح رأسه شكل مثلت مقلوب ارتفعت قاعدته لأعلى..
السلام عليكم.. شن الجو شباب؟
اني الحق نبي نعلق على محاضرتك يا أبلة.. كلامك مليح ..صح مافهمتاش كله.. لكن كويس.. ماعندي ما نقول..
توة تقوليلي التردد يا أبلة.. بالله بنقولك حويجة..أسأليني أني توة كيف خاش الكلية ؟
ظروف.... تعرفوا ..قبل كنت نبي نخش طب..
مايغركم المنظر أهوا.. تشوفو في المشوكة.. والله كنت نقرا علوم حياة.. صقع عليكم
علا التصفيق والتلويح والتصفير ، ليطالبهم على اثره بالصمت قليلا..
منورين شباب..
والله يادوب تخرجنا من الثانوي .. قالونا مافيش قراية..أقروا في الليل كان بتقروا.. ما عندناش مكانات ليكم باش تقروا فيهم إلا في الليل؟؟!
قلنا باهي شن عندنا بنديروا.. وقرينا .. ومن هنا سافر وخلاني.. معاش لحقنا نقروا ولا صار منا..
تروح ال 11 والا ال 12 في الليل.. تدير دورة ،تتعشى، وترقد جو ال 2 ، تنوض ال10 ،تدير دورة الصبح.. تجي بتقرا تلقاه وقت ،كان بتلحق تبيلك ساعتين في الطريق ، توصل الجامعة الساعة 6 .
وفي الاخير صفينا مادة الا ربع..
قالولي عاود السنة.. قلتلهم يفتح ربي.. خديت ملفي وجيت نجري للكلية هاذي. وهي في النهاية شهادة والسلام..بالك يطلعوني زوايد ونبدى ناخذ في مرتب وخلاص.. حتى هي بركة
ايه على ذكر الزوايد..! توة بالله امي أبلة في مدرسة .(..).؟؟
يا ناس بالله أمي شن بتدير في الأمن الشعبي . ..أبلة
لتعلو الضحكات على إثر الكلمة الأخيرة للأخ المتحدث ..
فيرد بالتعليق:
نبو يفرولنا موطوات .. ويدعموا الرياضة هاذي (الدراجات النارية).. علت الضحكات مرة أخرى..
لتعلو الضحكات على إثر الكلمة الأخيرة للأخ المتحدث ..
فيرد بالتعليق:
نبو يفرولنا موطوات .. ويدعموا الرياضة هاذي (الدراجات النارية).. علت الضحكات مرة أخرى..
انتقل مكبر الصوت الى شخص آخر..
كانت فتاة عادية المظهر.. في يوم عادي كانت لتختفي وسط الحشود دون أن يلاحظها أحد..
أمسكت ذاك المكبر بثقة.. لكنها تحدثت بسرعة .. تحتاج لتركيز لتفهمها:
السلام عليكم..أني الطالبة (.. ) .. التردد.. اعتقد انه التردد اللي رح نتكلم عليه مش تردد الشخص المتمثل فيا أني والا في زميلي اللي تكلم قبلي..
وين ما نتلقت حواليا في الجامعة نلقى الدنيا كلها تمشي خطوة وتوخر خطوتين..
شوفوا الطريق اللي قدام الكلية.. ؟؟ هل يمكن يتخيل انسان عاقل إنها تحت الصيانة من حوالي سنتين فاتو..
يحفروا الجنب اليمين ويخلوه ..وردموه بالتراب.. ويحفروه تاني.. وبعدين يكرسنوه ..ويعدين يحفروا الجنب اليسار..
كانت فتاة عادية المظهر.. في يوم عادي كانت لتختفي وسط الحشود دون أن يلاحظها أحد..
أمسكت ذاك المكبر بثقة.. لكنها تحدثت بسرعة .. تحتاج لتركيز لتفهمها:
السلام عليكم..أني الطالبة (.. ) .. التردد.. اعتقد انه التردد اللي رح نتكلم عليه مش تردد الشخص المتمثل فيا أني والا في زميلي اللي تكلم قبلي..
وين ما نتلقت حواليا في الجامعة نلقى الدنيا كلها تمشي خطوة وتوخر خطوتين..
شوفوا الطريق اللي قدام الكلية.. ؟؟ هل يمكن يتخيل انسان عاقل إنها تحت الصيانة من حوالي سنتين فاتو..
يحفروا الجنب اليمين ويخلوه ..وردموه بالتراب.. ويحفروه تاني.. وبعدين يكرسنوه ..ويعدين يحفروا الجنب اليسار..
يصكروا الطريق قدام السيارات .. ويفتحوها للمارة .. بعدين يصكروا الرصيف قدام المارة ..ويحطوا علامات وأشرطة تبعدهم عن الرصيف.. وتقتح الطريق للسيارات..
قاعدين يصرفوا في ميزانيات على كل قطاع عام بالمليارات.. لأغراض الصيانة والتطوير..
قطاع الصحة ميزانيته 0000000000000 لسنة 2010..
مخصص منها 0000000000 لمستشفى كذا
و00000000 لمستشفى كذا..
المواصلات خصص 0000000000 لصيانة طريق كذا كذا ..
وخصص مبلغ 000000000 ل منطقة كذا ..
كانت تتحدث في ثقة عالية حول هذه الإحصائيات.. .. استغربت من دقة الفتاة .. خصوصا مع سردها لتلك الارقام الخاصة بالميزانيات....
أكملت..
نقدر نعطيكم أرقام أكثر وأكثر.. وكلها ما تعبر عن شيء غير عن "التردد المتعمد" ، اللي يختلف عن "التردد المرضي" اللي ممكن يصيب المواطن البسيط..
المواصلات خصص 0000000000 لصيانة طريق كذا كذا ..
وخصص مبلغ 000000000 ل منطقة كذا ..
كانت تتحدث في ثقة عالية حول هذه الإحصائيات.. .. استغربت من دقة الفتاة .. خصوصا مع سردها لتلك الارقام الخاصة بالميزانيات....
أكملت..
نقدر نعطيكم أرقام أكثر وأكثر.. وكلها ما تعبر عن شيء غير عن "التردد المتعمد" ، اللي يختلف عن "التردد المرضي" اللي ممكن يصيب المواطن البسيط..
سكتت الفتاة فجأة وكأني بها ملت الكلام..
لتمرر مكبر الصوت لأول يد امتدت تطلبه..
سكت الجميع مابين محاول لأن يفك ما تبقى من شفرة طريقتها السريعة في الكلام.. وما بين مستغرب للأرقام التي تناثرت فجأة في أرجاء القاعة.. بينما انهمكت أنا في محاولة حساب كم صفرا في المليار بالضبط...!
طردت فكرة اصفار المليار من ذهني اثر كلمة المناقش الجديد...
لتمرر مكبر الصوت لأول يد امتدت تطلبه..
سكت الجميع مابين محاول لأن يفك ما تبقى من شفرة طريقتها السريعة في الكلام.. وما بين مستغرب للأرقام التي تناثرت فجأة في أرجاء القاعة.. بينما انهمكت أنا في محاولة حساب كم صفرا في المليار بالضبط...!
طردت فكرة اصفار المليار من ذهني اثر كلمة المناقش الجديد...
السلام عليكم:
أني بنسافر..
أني بنسافر..
صح يا أبلة.. ليش التردد.. أني عارف شن عندي هنايا وعارف انه مش رح نضيع شيء.. لو سافرت.. على الأقل نعرف شن ممكن ندير برة..
التجربة خير من العذاب 10 سنين محلك سر..
ثم رمى بمكبر الصوت على يمينه لشخص لم يطلبه..!
أخذ ذلك الفتى المسكين يبحث عن منقذ له من الأعين التي كانت تراقبه.. فرمى به لجالس بقربه
استلمت المكبر فتاة كانت تجلس متفقدة طلاء أظافرها .. إلى أن حل دورها في سلسلة التمرير.. لم تطلب مكبر الصوت لكنها لم تمانع الحديث..
بصوت رقيق حاد: سلام عليكم..
هيهي..
معليشي اني عندي راااي..
هيهي.. اني نحس انه ما تعودتش ناخذ قرار بروحي الا في لبسي.. لما كنت في المدرسة ماما كانت تقولي اقري نبيك محامية.. وقريت في الثانوية اللي تبيها ماما.. وتوة نقرا قانون زي ما تبي ماما..
التجربة خير من العذاب 10 سنين محلك سر..
ثم رمى بمكبر الصوت على يمينه لشخص لم يطلبه..!
أخذ ذلك الفتى المسكين يبحث عن منقذ له من الأعين التي كانت تراقبه.. فرمى به لجالس بقربه
استلمت المكبر فتاة كانت تجلس متفقدة طلاء أظافرها .. إلى أن حل دورها في سلسلة التمرير.. لم تطلب مكبر الصوت لكنها لم تمانع الحديث..
بصوت رقيق حاد: سلام عليكم..
هيهي..
معليشي اني عندي راااي..
هيهي.. اني نحس انه ما تعودتش ناخذ قرار بروحي الا في لبسي.. لما كنت في المدرسة ماما كانت تقولي اقري نبيك محامية.. وقريت في الثانوية اللي تبيها ماما.. وتوة نقرا قانون زي ما تبي ماما..
يعني من يومنا الليبيين اهلنا يختارولنا في حياتنا همة يفهموا اكثر منا.. ليش نوجعوا راسنا ..خير من التردد هكي
هيهي
هيهي
وانتقل مكبر الصوت عند آخرى
لتقول..: امس فيه راجل ملوح في طريق المطار .. غارق في دمه.. ضارباته سيارة.. محتاج اسعاف.. الناس واقفين يتفرجوا عليه.. وكلهم جبناء ما حدش تجرأ يرفعه يسعفه.. مترددين وخايفين يشدوهم في المركز.. ليش بالله.. كل واحد خايف على روحه.. باهي مش روح هاذي اللي قدامهم..
انا اعتقد انهم رح يتحاسبوا علي سلبيتهم حتى قدام ربي..
لولا ترددهم وخوفهم.. يمكن ينقذوا انسان.. يقدروا يجتمعوا حتى 10 اشخاص.. يركبوا 3 سيارات ويرفعوا يسعفوه.. ويشهدوا قدام الشرطة انه هو كان مصاب في الطريق.. وماحدش منهم ضاربه بسيارته..
شعبنا سلبي..
مع كل رحلة لناقل الصوت كانت ملامح الاستاذة المحاضرة تزداد تجهما واستغرابا .. ومع كل محاولة منها لتوضيح معنى التردد يزداد الحديث توسعا وامتدادا.. ايقنت حينها أن مشكلة السيدة تكمن في أنها اختارت لفظا مستفزا .. واسع المعنى.. متعدد الأوجه.. لا تكفيه محاضرة واحدة..
ولا يمكن محاصرته عند زاوية محددة..
كنت مستعدة للرحيل حينها..
لكني لم أشأ أن أغادر دون أن ألقي التحية.. استغليت انشغال الجميع بالحديث حول القضية الأخيرة..
لأحصل على مكبر الصوت..
السلام عليكم : احم احم..
بنقول بس .. إن
لتقول..: امس فيه راجل ملوح في طريق المطار .. غارق في دمه.. ضارباته سيارة.. محتاج اسعاف.. الناس واقفين يتفرجوا عليه.. وكلهم جبناء ما حدش تجرأ يرفعه يسعفه.. مترددين وخايفين يشدوهم في المركز.. ليش بالله.. كل واحد خايف على روحه.. باهي مش روح هاذي اللي قدامهم..
انا اعتقد انهم رح يتحاسبوا علي سلبيتهم حتى قدام ربي..
لولا ترددهم وخوفهم.. يمكن ينقذوا انسان.. يقدروا يجتمعوا حتى 10 اشخاص.. يركبوا 3 سيارات ويرفعوا يسعفوه.. ويشهدوا قدام الشرطة انه هو كان مصاب في الطريق.. وماحدش منهم ضاربه بسيارته..
شعبنا سلبي..
مع كل رحلة لناقل الصوت كانت ملامح الاستاذة المحاضرة تزداد تجهما واستغرابا .. ومع كل محاولة منها لتوضيح معنى التردد يزداد الحديث توسعا وامتدادا.. ايقنت حينها أن مشكلة السيدة تكمن في أنها اختارت لفظا مستفزا .. واسع المعنى.. متعدد الأوجه.. لا تكفيه محاضرة واحدة..
ولا يمكن محاصرته عند زاوية محددة..
كنت مستعدة للرحيل حينها..
لكني لم أشأ أن أغادر دون أن ألقي التحية.. استغليت انشغال الجميع بالحديث حول القضية الأخيرة..
لأحصل على مكبر الصوت..
السلام عليكم : احم احم..
بنقول بس .. إن
وكأني في وحدة من حلقات مسلسل «غوار» ..
وحسيت للحظة أننا عايشين في حارة «كل مين أيدو إلو» المشهورة ! ..
وحسيت للحظة أننا عايشين في حارة «كل مين أيدو إلو» المشهورة ! ..
___________